بعد التعليم والوظائف.. طالبان تحرم النساء من صالونات التزيين
منصة البلاد - متابعات
طالبان فرضت قيودا مشددة على النساء في أفغانستان
أمرت حكومة طالبان في أفغانستان بإغلاق صالونات التزيين الخاصة بالنساء في أنحاء البلاد في غضون شهر، حسبما أعلنت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الثلاثاء، في أحدث إجراء من الحركة لتقييد حقوق وحريات النساء بعد منعهن من التعليم والعمل في معظم الوظائف.
ولم يذكر محمد صديق عاكف مهاجر، المتحدث باسم الوزارة أي تفاصيل عن الحظر الجديد، وأكد فقط محتويات القرار الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي.
واطلعت وكالة فرانس برس على نسخة من الأمر الذي يقول إنه يستند إلى "تعليمات شفهية" من المرشد الأعلى لطالبان، هيبة الله أخوندزاده.
ويستهدف الحظر العاصمة كابول، وجميع الولايات، ويمنح صالونات التزيين في جميع أنحاء البلاد مهلة شهر لغلق أبوابها، وبعد هذه الفترة، يجب إغلاقها وتقديم تقارير عن ذلك، وفق أسوشيتد برس.
يأتي ذلك بعد أيام من ادعاء أخوندزاده أن حكومته اتخذت الخطوات اللازمة لتحسين حياة المرأة في أفغانستان. وقال في بيان بمناسبة عيد الأضحى إن خطوات اتُخذت لتوفير "حياة مريحة ومزدهرة وفق الشريعة الإسلامية".
وقبل نحو شهر، زعم مرشد الحركة، الذي نادرا ما يظهر علنا ويحكم من معقل طالبان في قندهار، أن النساء الأفغانيات أُنقذن من "قمع تقليدي" من خلال تبني الحكم الإسلامي واستعادة وضعهن "كبشر أحرار وذوي كرامة".
الأفعال تخالف الأقوال
لكن منذ سيطرتها على السلطة، في أغسطس 2021، منعت حكومة طالبان النساء والفتيات من ارتياد المدارس الثانوية والجامعات، ومن الحدائق العامة، ومدن الملاهي، والصالات الرياضية، وأمرتهن بارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
ومنعت النساء من العمل لدى الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية، وطُردت الآلاف منهن من وظائف حكومية.
وفي تقرير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة صدر في أغسطس الماضي، بمناسبة مرور عام على استحواذ طالبان على السلطة، قالت المنظمة إنه على مدار الـ12 الماضية، تصاعدت انتهاكات حقوق الإنسان ضد النساء والفتيات بشكل مطرد.
ورغم الوعود الأولية بالسماح للنساء بممارسة حقوقهن بموجب الشريعة الإسلامية، التي تشمل الحق في العمل والدراسة، استبعدت طالبان بشكل منهجي النساء والفتيات من الحياة العامة.
ولا تشغل النساء مناصب وزارية في الحكومة، وألغيت وزارة شؤون المرأة، مما ألغى فعليا حق المرأة في المشاركة السياسية، وفق المنظمة.
وفي مايو 2022، أصدرت حركة طالبان مرسوما يقضي بوجوب تغطية النساء وجوههن في الأماكن العامة، وأمرتهن بالبقاء في منازلهن إلا في حالات الضرورة.
وظهر العديد من صالونات التجميل في أنحاء كابول، ومدن أخرى، خلال الفترة التي تلت إزاحة طالبان من السلطة.
واعتُبرت تلك الصالونات مكانا آمنا للتجمع والتواصل بعيدا عن الرجال، ووفرت فرص عمل حيوية للنساء، وكثيرا ما تكون المصدر الوحيد لدخل الأسر.
"أتمنى لو أني ما وُلدت"
وفي أعقاب القرار الجديد، قالت مديرة صالون في كابول، طلبت عدم الكشف عن اسمها لفرانس برس: "كان من الجيد لو لم تتواجد النساء على الإطلاق في هذا المجتمع. أقول هذا الآن: أتمنى لو أني ما وُلدت. أتمنى لو لم يولد أحد في أفغانستان، أو لم نكن من أفغانستان".
"تمييز خطير"
وجاء في تقرير رفعه المقرر الخاص لأفغانستان، ريتشارد بينيت، إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن محنة النساء والفتيات في أفغانستان "هي من بين الأسوأ في العالم".
وأضاف أن "التمييز الخطير والمنهجي والمؤسسي ضد النساء والفتيات هو في صميم عقيدة طالبان وحكمها، وهو ما يثير مخاوف من احتمال أن يكونوا مسؤولين عن فصل عنصري بين الجنسين".
وأثارت الإجراءات التي اتخذتها حكومة طالبان ضد النساء، منذ سيطرتها على السلطة، غضبا دوليا، وزادت من عزلة أفغانستان، بينما ينهار اقتصادها وتزداد محنتها الإنسانية.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير سابق: "تفقد الفتيات والنساء إمكانية الوصول إلى التعليم والعمل والأماكن العامة وتمنع من الحريات الأساسية الأخرى"، مشيرة إلى أن قيود طالبان على حقوق المرأة "تعمق الأزمة في أفغانستان" لأنها تعرقل إيصال المساعدات المنقذة للحياة، وتعطل أكبر عملية إغاثة في العالم حتى في الوقت الذي يعاني فيه نصف السكان من الجوع الحاد.
وبعد عودة حركة طالبان إلى السلطة، أصبحت أفغانستان معزولة فعليا عن بقية العالم، وتسببت القيود الإضافية التي فرضتها على حقوق الإنسان في البلاد في تعميق هذه العزلة، إذ جفت منابع التمويل الدولي المقدم للبلاد، وفق موقع الأمم المتحدة.
وقال ماركوس بوتزل، نائب ممثل الأمين العام الخاص في أفغانستان، إنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا تسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس أو إلى الجامعة، مضيفا: "ليس هناك نقاش بشأن هذا الأمر. إن المسألة ليست ورقة مساومة".
ويؤكد أن هذه المراسيم تضر بالتقدم الاقتصادي، داعيا السلطات إلى إلغاء الحظر على النساء في أسرع وقت ممكن. وإلا فسيظل الأمر يخيم دائما على العلاقات التي تربط أفغانستان بالمجتمع الدولي.
ويوضح بوتزيل أن سلطات طالبان تقدم "مزيجا من الحجج الدينية والروايات الثقافية لتطبيق المراسيم. لكن فيما يتعلق بالحجج الدينية، فإن الدول الإسلامية حول العالم لا تطبق هذا الحظر. لا يوجد بلد آخر في العالم يطبق هذا الحظر".
ويوضح أن من تقاليد الثقافة الأفغانية "تعليم الأولاد والبنات وفي ظل حكم الجمهورية، لم تكن كل فتاة تذهب إلى المدرسة. وفي المناطق النائية لم تتح لهن الفرصة، لكن حقهن في التعلم كان محفوظا بموجب الدستور والقانون، والذي لم يعد موجودا".
كريستال بيات، الناشطة الأفغانية التي فرت من أفغانستان في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة، واستقر بها المقام في الولايات المتحدة، كانت قد كتبت في مقال رأي: "لأنني رفعت صوتي ضد طالبان، أصبحت هدفا. داهموا منزلي وهددوا عائلتي. خوفا على حياتنا، تركت عائلتي ورائي وانضممت إلى أكثر من 76000 أفغاني يائس على متن طائرات عسكرية، حاملين أحلام بلادنا".
وعلى الرغم من الترحيب الحار الذي لقيته في مدينة سولت ليك بولاية يوتا الأميركية، لاتزال تحاول "التعافي من الألم العميق والخسارة".
وقالت: "سبب مجيئي هو الحفاظ على هذا الصوت، لأظهر لطالبان أننا نحن النساء لن نتنازل عن القتال من أجل حقوقنا".
لكنها تعرف أنها إذا عادت إلى أفغانستان، "سيكون مصيري القتل"، على حد تعبيرها.
الكاتب:
الحرة - واشنطن