سالم عمر باهرشان بارجاش من الثورة إلى بناء الدولة
منصة البلد - خاص
بارجاش من مواليد ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﻙ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﻨﻴﻨﺔ (ﻣﺪﻳﺮﻳﺔ ﺣﺠﺮ) حضرموت 1941ﻡ.
ﻧﺸﺄ يتيمًا ﻭﺗﺮﻋﺮﻉ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﺃﺧﺘﻪ ﻓﻲ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ (ﺍﻟﺮﺍﻙ) ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﻨﻴﻨﺔ، وسُميت بوحدة الشهداء ﻟﻜﺜﺮﺓ ﻣن ارتقوا شهداءً، ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ، ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻳﻌﻴﺶ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺧﻂ ﺍﻟﻔﻘﺮ.
الفقيد بارجاش أحد ﺃﺑﺮﺯ ﻣﻦ ﺧﺎﺿﻮﺍ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺪ الاﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﺧﻼﻝ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﻓﻲ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 1963.
ﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ حياته ﻋﻠﻰ السياسة والعسكرة، ﺑﻞ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺇﻟﻰ الحضور الإنساني، ﺣﻴﺚ ﻋﺎﺵ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ بسيطًا متواضعًا ناكرًا ﻟﺬﺍﺗﻪ، وحاملًا ﻫﻤﻮﻡ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﻭﺗﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻣﻴﻦ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﻀﺎلًا ﻭﺗﻀﺤﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺜﺎلًا ﻟﻠﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ والإخلاص.
هاجر مضطرًا كغيره من الحضارم، بحثًا عن لقمة ﺍﻟﻌﻴﺶ، فمكث عامين في تنزانيا، قبل أن يعود لموطنه، فقد وصلت إليه أخبار الثورة، ويعد عودته ﺍﻟﺘﺤﻖ ﺑﺼﻔﻮﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ (ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ)، ليكتب فصلًا ثوريًا ومرحلةً جديدةً في مسيرته.
كانت للفقيد سالم باهرشان بارجاش إسهامات نضالية كبيرة، ضد الاستعمار البريطاني، وقد تنقل ثائرًا في مختلف مناطق الجنوب العربي، ونفذ العديد من ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻓﻲ ﺣﻀﺮﻣﻮﺕ ﻭﻋﺪﻥ ﻭﺃﺑﻴﻦ ﻭﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻮﺍﺣﺪﻱ، ليصبح من أبرز مناضلي ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﺳﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺒﻴﺾ والعطاس، ﻭﺯﻣﻼﺋﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﺎﺭﺍﺱ ﻭﺧﺎﻟﺪ ﺑﺎﺭﺍﺱ ﻭﺍﻟﺤﺎﺝ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺎﻗﻴﺲ ﻭﺁﺧﺮﻳﻦ.
لقد أسهمت أدوار الفقيد بارجاش في توحيد الجهود وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية قبل أن تُعدَّل التسمية إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فتم ترسيخ مؤسسات دولة وليدة قوية، في المنطقة. وقد نال الفقيد عددًا من الأوسمة والميداليات الرفيعة، من قيادة الدولة، اعترافًا وتقديرًا لدوره النضالي الثوري، وتثبيت النظام الجمهوري.
وبعد انتهاء مرحلة الثورة، وابتداء مرحلة بناء الجمهورية، ﺗﻘﻠﺪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺪ ﻋﺪﺩًا ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﻣﻨﻬﺎ: ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﻭﻣﺄﻣﻮﺭًا ﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ ﺣﺠﺮ، ﻭﻗﺪ أﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻘﻴﺪ مديرية حجر بكفاءة عالية، وأسهم ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ، مثل: ﺷﻖ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ، وﺇﻧﺸﺎﺀ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺔ، ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻧﻴﺔ الاستهلاكية، ﻭمثلها ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ، وأسس لمشروع ﻭﺍﺩﻱ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ. وعلى المستوى الوطني فقد اُنتخب ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺸﻌﺐ الأعلى.
هكذا كان الفقيد بارجاش، ثائرًا مناضلًا، وخادمًا لأهله، وبانيًا للدولة، ومسؤولًا متواضعًا، لذلك كان محبوبًا عند ﻛﻞ ﺭﻓﺎﻗﻪ، ﻭيتضح ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ الكبير، ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻭﺩﺍﻋﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻮﺍﻩ ﺍﻸﺧﻴﺮ، من مختلف المناطق، ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺃﻣﺒﻴﺨﺔ، ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻜﻼ، بتاريخ 27 أغسطس 2009م، لتطوى حياةً حافلةً وملهمةً، برحيل ﺍﻟﻔﻘﻴﺪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻞ ﺳﺎﻟﻢ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﻫﺮﺷﺎﻥ بارجاش.
#شخصيات_مؤثرة_في_الدولة